شباب تشرين يتطلع لإصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي
تناول تقرير لمعهد، تشاثام هاوس Chatham House، البريطاني للدراسات مرور الذكرى الخامسة لانطلاق حركة تشرين لشباب العراق بتطلعهم نحو التغيير والإصلاح، مشيرا الى ان غياب الاحتجاجات الان لا يعني بأنهم قد أصبحوا اقل طموحا بقدر ما أنهم حققوا انتقاله ستراتيجية في جيل جديد من شباب يتطلع لنشاط مدني وسياسي نحو تغيير بنّاء ضمن مجتمعهم.
وأشار التقرير الى ان انتفاضة تشرين عام 2019 كانت بمثابة لحظة انتقالية في حياة كثير من شباب العراق مثلت لهم رؤية بما يفترض ان يكون عليه العراق. وكان لاستقالة الحكومة في حينها والتعديل الذي طرأ على قانون الانتخابات الذي سمح بإجراء انتخابات مبكرة نافذة نحو تحقيق تغيير منهجي، وهذا ما حفز شباب عراقيين للاستمرار بعملهم اليومي لتحقيق إصلاح حتى بعد قمع احتجاجاتهم.
ويستدرك التقرير بان انكماش المساحة المدنية في العراق عقب احتجاجات تشرين لا يعني بان الشباب أصبحوا اقل نشاطا في السعي نحو تحقيق إصلاح سياسي واجتماعي وأقل طموحا نحو التغيير، بل ان الجيل الجديد من الذين التحقوا بالاحتجاجات او ايدوها قبل خمس سنوات، والشباب الأصغر عمرا الذين استلهمتم حركة تشرين، قد تحولوا لما يسمى بسياسات الحياة اليومية للوصول الى خدمات وإيجاد عمل نافع لمواصلة طموحاتهم نحو حياة أفضل.
مصطفى، ناشط سياسي من محافظة ذي قار من مواليد حقبة التسعينيات، كان قد لعب دورا مركزيا في مرحلة النشاط السياسي لما بعد احتجاجات تشرين، وان طموحه نحو تحقيق مستقبل أفضل قد جعله ان يكون ناشطا. وشارك في عدة احتجاجات عبر العراق منذ عام 2015 وخصوصا في ذي قار ومحافظة بغداد ولعب دورا نشطا في التحشيد لاحتجاجات تشرين عام 2019 في مدينته.
يقول مصطفى معبرا عن تجاربه هذه انه "خلال هذه الاحتجاجات فقط شعرت بأنني جزء من العراق، رأيت الكل موحدين يطالبون بالمساواة والعيش الكريم. ان احتجاجات تشرين حفزت تطلعاتي نحو عراق أفضل وفتح فرص للشباب، هذه الاحتجاجات كانت تعتبر بالنسبة لكثير من الشباب المحتجين كنواة لبناء مجتمعي جديد وانطلاقة نحو تحقيق إصلاحات سياسية واجتماعية لم تستطع النخب السياسية تحقيقها".
ويمضي مصطفى بالقول "لم نكن نحتج فقط، لقد قمنا بإنشاء شريحة مجتمعية، نتبادل قصص ونتعلم مهارات ونلاحق مواهب جديدة. ايامنا كانت مليئة بالنقاشات والتعلم والغناء والرسم. كل هذا كان ممزوجا بالدموع بسبب القمع المستمر، أو ممزوجا بالضحك طالما اننا كلنا كنا هناك سندا لأحدنا الاخر".
ويشير التقرير الى انه خلال فترة ما قبل احتجاجات 2019، كان كثير من العراقيين يشعرون بخيبة أمل امام تحقيق طموحاتهم بسبب نظام المحاصصة والمحسوبية الذي بني عليه النظام السياسي في البلد لما بعد عام 2003. كانوا يرون الأحزاب السياسية التقليدية وهي تستحوذ على خيرات البلد لمنافعها الخاصة ومنافع جمهور ناخبيهم دون توفير خدمات او توفير فرص عمل لشريحة واسعة من شباب عاطل عن العمل.
ويذكر التقرير ان منظمات دولية وصناع قرار قد وجدوا أملا في أمثال الناشط مصطفى وبقية زملائه من المشاركين بالاحتجاجات على انهم يمثلون جيلا جديدا من شباب العراق ذوي طموحات ورؤى جديدة فتية، وهذا ما ساعد على تشكيل أحزاب سياسية جديدة للانخراط في النظام السياسي الحاكم وبناء طاقات جديدة لإعادة الثقة بالمؤسسات الحكومية من خلال تعزيز جانب المحاسبة والإصلاح السياسي والاقتصادي ودعم جانب حرية التعبير عن الرأي ومكافحة الفساد.
أحمد، محامي من البصرة وناشط بيئي، يقضي اغلب وقته الان بزيادة التوعية بخصوص تبعات التغير المناخي والمشاكل البيئة التي تواجه البلاد، وهو امر مهم لم يخف عن اهتمام الشباب. ويرى احمد في تجربة احتجاجات تشرين مثالا لإيصال ما يدور في خاطره الى الجهات المسؤولة من مخاطر بيئية تحوم حول مدينته البصرة والعراق بشكل عام بسبب الظروف المناخية وعدم تجاهلها والدعوة لاتخاذ إجراءات احترازية.
يقول احمد "الجهات الحكومية مقصرة في توفير المتطلبات الأساسية لمواجهة تبعات التغير المناخي. مدينتنا البصرة تواجه مخاطر الجفاف مما يضطر أهالي الى النزوح في حين تركز الدولة على مواصلة انتاج النفط فقط. احتجاجات تشرين علمتنا باننا نستحق الاهتمام وإننا قادرين على تحقيق ما ندعو له ونزرع هذه الفكرة في اذهان الأجيال القادمة".
وكان احمد قد انضم الى مجموعة متطوعين يكرسون اهتمامهم لزيادة التوعية لدى المسؤولين بخصوص التغير المناخي من خلال منصات التواصل الاجتماعي لتوثيق حالة التدهور الحاصلة بسبب الجفاف والدعوة لحملات عبر وسائل التواصل لحماية موارد حيوية مثل الأنهار والاهوار من التلوث والنضوب.
ويقوم الناشط احمد الان بالتواصل على نحو حثيث مع مسؤولين حكوميين لضمان تنفيذ تشريعات بيئية مهمة وان لا تكون هناك مشاريع تزيد من الأضرار البيئية.
عن تشاثام هاوس