قالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو، إن صانعات السلام الشابات يثبتن أن "عالما أفضل ممكن" في خضم الأزمات التي يواجهها، وأكدت ضرورة أن يتبنى المجتمع الدولي "نهجا جديدا لتنمية جيل جديد من القادة - وخاصة من الشابات والفتيات – اللواتي هن في طليعة إعادة تشكيل هياكل السلطة وتعزيز السلام".
وفي كلمتها خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن قيادة المرأة عبر الأجيال في مجال السلام والأمن، أشارت السيدة ديكارلو إلى عمل القيادات الشابة "الرائعة" التي "تذكرنا بأن التحول يتطلب مقاومة الوضع الراهن". ومن بين هؤلاء الباكستانية ملالا يوسف زاي التي تدافع عن حق الفتيات في التعليم – وهي أصغر حائزة على جائزة نوبل للسلام على الإطلاق، والسويدية غريتا ثونبرغ التي أنشأت حركة لمواجهة أزمة المناخ، والصومالية إيلواد إلمان التي تعمل على إعادة تأهيل الأطفال الجنود وتمكين الشباب الآخرين.
وقالت السيدة ديكارلو إن الموجز السياساتي للأمين العام أنطونيو غوتيريش بشأن "خطة جديدة للسلام" يدعو إلى تفكيك "الأنظمة الذكورية الراسخة، التي تديم عدم المساواة والاستبعاد"، مضيفة أنه بدون القيام بذلك "سيظل السلام الحقيقي والأمن الشامل بعيدي المنال".
تعزيز قيادة الشابات
ولتعزيز القيادة العابرة للأجيال، سلطت وكيلة الأمين العام الضوء على ثلاثة مجالات رئيسية، بما في ذلك تسهيل الحوارات، وتعزيز عمليات السلام الشاملة، والاستثمار في قيادة الشابات. وقالت إن معالجة صراعات اليوم تتطلب "رؤى مستقبلية مشتركة على نطاق واسع داخل المجتمعات تتجاوز الأجيال"، مضيفة أن الحوارات بين الأجيال تشكل فرصا حاسمة لبناء الثقة والتعبير عن التطلعات المشتركة.
وأشارت السيدة ديكارلو إلى أن السلام لا يمكن تحقيقه من خلال "الصفقات التي تعقدها النخب وحدها". وقالت إن تعزيز عمليات السلام الشاملة ومتعددة المسارات التي تعطي الأولوية لمجموعات متنوعة من النساء، بما في ذلك الشابات، وتعزز قيادتهن وحقوقهن على كل المستويات أمر ضروري للبنية التحتية المملوكة محليا من أجل السلام.
وشددت على ضرورة توفير الموارد اللازمة بشكل مستدام لدعم صانعات السلام الشابات "وضمان ازدهار عملهن". وأكدت أن الاستثمارات في أجندة المرأة والسلام والأمن ليست خيارا، "بل إنها ضرورة لمنع الصراعات وتحقيق السلام المستدام والشامل".
وقالت السيدة ديكارلو: "في مواجهة التحديات غير المسبوقة للسلام والأمن العالميين، تتصور وتطالب الشابات في جميع أنحاء العالم بعالم من العدالة والسلام ... معا، يجب أن نحرث القيادة من القاعدة إلى القمة، ونضع الشابات وحقوق المرأة في قلب جهودنا".
نساء السودان في المقدمة
من جانبها قالت تهاني عباس المديرة التنفيذية لمنظمة نورا، إن النساء كن على الخطوط الأمامية في الاستجابة للصراع في السودان، مضيفة أن مساهماتهن وتضحياتهن في النضال من أجل السلام، "للحفاظ على الكرامة الإنسانية، ومساعدة كل سوداني في بناء مستقبل سلمي" يجب الاعتراف بها.
السيدة عباس هي مدافعة عن حقوق الإنسان تركز على تعزيز وصول المرأة وإدماجها في نظام العدالة وتقديم المساعدة القانونية والموارد للنساء الناجيات من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي.وفي كلمتها أمام المجلس، قالت إن الشعب السوداني يتضور جوعا بسبب الحرب المستمرة، حيث يتم قصف قراهم وحرقها، ويتعرضون "للاعتداء والاغتصاب إذا بقوا في منازلهم، أو أثناء فرارهم، أو أثناء لجوئهم".
ورغم هذا الوضع، أكدت السيدة عباس أن النساء كن في الطليعة، وحملن رغبتهن في سودان "صحي وآمن وعادل"، بما في ذلك من خلال قيادة الثورة السلمية عام 2019، وباعتبارهن مستجيبات للاحتياجات الإنسانية ولإيجاد طرق لتهدئة الصراع. وأضافت أن النساء السودانيات أنشأن "شبكات مقاومة"، مثل غرف الاستجابة للطوارئ، والتي "تلعب دورا فعالا في تمكين المرأة وتزويدها بالقدرة على الاستجابة للصراع بطرق إبداعية وتكيفية".
وقالت إن دعم صانعات السلام من النساء "قبل وأثناء وبعد الأزمات يؤتي ثماره في السلام". وأكدت ضرورة إشراك الخبرات المدنية النسائية رسميا في عمليات الحوار التي تؤثر على مصيرهن، مضيفة أنه بدون هذا النوع من المشاركة على جميع مستويات الحوار، "لن نرى السلام الدائم الذي يرغب فيه الشعب السوداني ويستحقه".
ودعت السيدة عباس مجلس الأمن إلى مواصلة دعم النساء اللواتي يناضلن من أجل السلام والأمن كل يوم، وقالت: "على الرغم من أن الأمر قد يكون صعبا من الناحية اللوجستية والسياسية، فإن القرارات المتخذة داخل الأمم المتحدة سيكون لها تأثير مباشر على حياة الشعب السوداني وبناة السلام من النساء في جميع أنحاء العالم".