رغم تمكن العديد من النساء من تحقيق التوازن بين العمل وإدارة شؤون المنزل، إلا أنهن ما زلن يعانين من التعنيف الأسري والضغوط الاجتماعية، بالإضافة إلى المطامع المادية التي أدت إلى نشوب العديد من المشاكل العائلية.
قصص من الواقع
تروي المواطنة إسراء حامد (35 عاماً) وهي أرملة وأم لطفلين، لـ "طريق الشعب" معاناتها بعد وفاة زوجها، واضطرارها على العودة إلى منزل والدها مع طفليها، فتقول "لدي ثلاثة إخوة يعملون موظفين، لكن لم يقدم أي منهم دعماً مادياً لي أو لأطفالي، حتى أنهم لم يشتروا لهم أي كسوة أو لعبة طوال فترة سكني معهم، رغم أنني لا أملك راتباً لتلبية احتياجاتهم". وتضيف "كان دورهم يقتصر على منح والدتي مبلغاً مادياً بسيطاً كمساهمة في المصروف المنزلي".
وتتابع قائلة "ازدادت مشاكلي مع زوجات إخوتي بسبب صراعات الأطفال، ومع ذلك كان والدي ووالدتي يقفان دائماً إلى جانب إخوتي في كل مشكلة، الأمر الذي دفعني للبحث عن عمل يمكنني من خلاله تأمين سكن مستقل أعيش فيه مع أطفالي بعيداً عن هذه التوترات العائلية".
وترى إسراء أن معاملة الأهل لإبنتهم المطلّقة أو الأرملة، التي تعود إليهم تختلف تماماً عن معاملتهم لها قبل الزواج عندما كانت الفتاة المدللة لدى إخوتها ووالدها. وتوضح "طوال فترة سكني في بيت أهلي مع أطفالي، كانت حياتنا تقتصر على الأكل والنوم فقط، إلى أن تمكّنت من الحصول على عمل في أحد المولات التجارية براتب شهري قدره 700 ألف دينار. فقررت تأجير منزل للعيش مستقلة، لكن إخوتي عارضوا الفكرة، ليس حرصاً على سلامتي أو سلامة أطفالي، بل لأنهم أرادوا تقليل المبلغ الذي كانوا يساهمون به شهرياً في مصروف البيت حيث أجبروني على المساهمة في المصروف بدلاً من دفع الإيجار، بالإضافة إلى تكليفي برعاية والدتي التي تعاني من أمراض مزمنة".
الطمع المادي
أما نبراس جهاد (40 عاماً) والتي تعمل مدرسة، واختارت الانفصال بعد شهرين فقط من زواجها، فتوضح لـ "طريق الشعب" أن سبب انفصالها كان لطمع طليقها براتبها، حيث رفض هو أن يعمل وأجبرها على تحمل مصاريف عائلته. وتضيف "الزواج الذي يُبنى على طمع مادي لا يدوم، والانفصال كان الخيار الأفضل بعد استنفاد جميع محاولات الإصلاح".
التعليم مفتاح النجاح
بدورها، ترى باسمة عزت، وهي مدرسة، أن الارتباط يجب ان يتحقق لكل فتاة بعد إكمال دراستها الجامعية والحصول على وظيفة تضمن لها دخلاً يساعدها في مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة. وتوضح لـ "طريق الشعب" أنها تسعى إلى تجنيب بناتها الأربع خوض تجربة الزواج لمجرد الارتباط، إنسياقاً وراء الاعتقاد السائد بأن الزواج هو مصدر الاستقرار الوحيد للفتاة.
وتشير إلى أن "الكثير من النساء أصبحن ضحايا لمفاهيم ومعتقدات اجتماعية مغلوطة، بينما يبقى سند المرأة الحقيقي في هذا العصر هو تعليمها ووظيفتها فقط". وتؤكد أنها ليست ضد الزواج، لكنها ترى أنه ليس الوسيلة المثلى لتحقيق الاستقرار والسلام الأسري. وتشدد على أن انسجام الزوجين هو الأساس في نجاح العلاقة الزوجية، مشيرة إلى أن غياب هذا الانسجام يؤدي في كثير من الأحيان إلى الطلاق وتفاقم المشاكل العائلية.
كسر حاجز الخوف
في هذا الجانب تعلق الباحثة الاجتماعية نوال الزاملي قائلةً بأن "التحديات المادية هي السبب الرئيسي لمعظم حالات الطلاق في المجتمع. فالمرأة المستقلة مادياً غالباً ما تكون عرضة للاستغلال، سواء من الزوج، أو الأهل، أو حتى الأبناء".
وتضيف الزاملي: "رغم التحديات، فإن استقلال المرأة المادي والمهني هو أحد أهم عوامل تحقيق الاستقرار. الانفتاح التكنولوجي ساعد النساء على كسر حاجز الخوف والمطالبة بالتعليم والسعي لتحقيق الاستقلالية، لكن المجتمع ما زال بحاجة إلى تغيير جذري لدعم المرأة في مواجهة هذه الضغوط".