احتجاجات أميركا: صرخة غضب ضد العنصرية
نشر بواسطة: mod1
السبت 30-05-2020
 
   
العربي الجديد

ليست الاحتجاجات التي تفجّرت في شوارع مدينة مينيابوليس في ولاية مينيسوتا الأميركية وتمددت إلى مناطق أخرى، بعد مقتل الأميركي من أصول أفريقية جورج فلويد (46 عاماً)، مساء الإثنين، على يد الشرطة، مجرد غضب آني على حادثة منفردة، بل احتجاج على مسار طويل من التمييز ضد الأميركيين السود بات يمثّل صورة نظام عززها دونالد ترامب منذ وصوله إلى الحكم قبل نحو 4 سنوات. الوقت الذي تطالب به السلطات لمحاسبة قتلة فلويد، لم يعد خياراً بالنسبة للمتظاهرين، الذين انتظروا لسنوات عدالة لم تأتِ، منذ مقتل إيريك غارنر في نيويوك عام 2014، مختنقاً خلال قيام رجال شرطة بيض بتوقيفه لاشتباههم بأنه يبيع سجائر مهربة. وأجج مقتل الشاب الأسود أحمد آربري في فبراير/ شباط الماضي، برصاص ضابط شرطة سابق وابنه، أثناء ركضه في الحي الذي يقطنه بولاية جورجيا، غضب الأميركيين من أصل أفريقي، خصوصاً بعدما ترددت سلطات الولاية في اعتقال القاتلين، وهما من أصحاب البشرة البيضاء، قرابة شهرين، قبل تدخّل مكتب التحقيقات لتوقيفهما.

وبعد سلسلة عمليات القتل الطويلة لأميركيين من أصول أفريقية على يد أفراد الشرطة، أصبح واضحاً أن تنفيذ القوانين يحصل على أساس التمييز العرقي، الذي غذّته أجيال من السياسات الحكومية، لتدفع هذه العوامل إلى تأجيج الانتفاضة في أعقاب مقتل فلويد، "فلا سلام بلا عدالة"، كما هتف المحتجون، الذين لم يتوانَ بعضهم عن إحراق مركز للشرطة تعبيراً عن غضبهم من سلطة لا ترى فيهم سوى "رعاع"، وفق تعبير ترامب، الذي هدد بأنه "عندما يبدأ السلب والنهب يبدأ إطلاق الرصاص".

وليست قضية مقتل فلويد، الإثنين، على يد الشرطة حادثة منفردة، ولولا توثيقها من قبل سيدة كانت في المكان لكانت ربما مرت بلا معاقبة الشرطة حتى. وأظهر التسجيل شرطياً يثبت فلويد على الأرض لدقائق واضعاً ركبته فوق رقبته. وظهر الرجل الأسود في التسجيل وهو يئن ويقول "لست قادراً على التنفس". ورد الشرطي طالباً منه الهدوء بينما قام شرطي آخر بإبعاد المارة الذين بدأوا يتململون، ولم يعد الرجل الموقوف يتحرك وبدا فاقد الوعي. وظهرت تسجيلات فيديو أخرى دحضت فرضية طرحتها الشرطة التي قالت إن فلويد قاوم رجال الشرطة الذين جاؤوا لتوقيفه. وفي لقطات لكاميرات مراقبة للمطعم الذي تم توقيفه أمامه، ظهر بيديه المكبلتين وراء ظهره ولا يبدي أي مقاومة عند اقتياده من قبل شرطي إلى سيارة دورية. وقال بنجامين كرامب، محامي عائلة فلويد، إنه لولا هذه الصور التي نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لكان "رجال الشرطة قدّموا رواية خاطئة للوقائع وأخفوا هذا الأمر".

وتم فصل رجال الشرطة الأربعة الذين شاركوا في الواقعة، ومن بينهم الضابط ديريك شوفين، الذي شوهد وهو يضغط بركبته على عنق فلويد، لكن لم يتم توقيفهم، وجرى فتح تحقيق في الحادث. وتساءل رئيس بلدية مينيابوليس جاكوب فراي "لماذا الرجل الذي قتل جورج فلويد ليس في السجن؟". وأضاف "لو كنتم أنتم أو أنا الذين فعلنا ذلك لكنا الآن وراء القضبان".

وأصبحت شكاوى القوة المفرطة ضد ضباط مينيابوليس منتشرة، خصوصاً من قِبل الأميركيين من أصل أفريقي. الضابط شوفين، الذي ظهر وهو يضغط على رقبة فلويد، تم تقديم العديد من الشكاوى ضده، ثلاث منها أدت إلى توبيخه. وبحسب وكالة محلية، أطلق شوفين النار على رجل كان يحاول الإمساك بمسدس ضابط في عام 2008، كما كان حاضراً في إطلاقين آخرين للنار، أحدهما قاتل.

وفيما بيانات إدارة الشرطة تكشف أن الأميركيين من أصل أفريقي يشكّلون حوالي 20 في المائة من سكان مدينة مينيابوليس، توضح الأرقام أنهم معرضون للاعتقال واستخدام القوة ضدهم أكثر من السكان البيض. وتشير البيانات إلى أن السود كانوا يمثلون أكثر من 60 بالمائة من الضحايا في عمليات إطلاق النار التي قامت بها شرطة مينيابوليس منذ أواخر عام 2009 حتى مايو/ أيار 2019. وهناك خلاف عميق بين شرطة المدينة، التي يغلب عليها اللون الأبيض، والمجتمع المحلي.

وتمثّل مينيابوليس مثالاً للتمييز ضد الأميركيين الأفارقة، الذين يتخرجون من المدرسة الثانوية بمعدلات أقل بكثير من البيض، وهم أكثر عرضة للبطالة ويميلون إلى العيش في أسر ذات مداخيل أقل بكثير من نظرائهم البيض.

وقال مايك غريفين، وهو مسؤول مجتمعي في مينيابوليس، لوسائل إعلام أميركية: "نريد العدالة لجورج فلويد، ولكن هذا يتعلق أيضاً بكرامة السود. كان علينا أن نحارب بأسناننا وأظافرنا لأبسط مستويات المعيشة. إذا كنت أبيض، فهذه مدينة رائعة. إذا كنت أسود، فهو صراع كل يوم". من جهته، قال أستاذ الحقوق المدنية في جامعة مينيسوتا، ميرون أورفيلد، في بريد إلكتروني، إن الفصل العنصري في المدارس ينمو بشكل أسرع في مينيابوليس منه في معظم الأماكن في البلاد.

وبحسب وسائل إعلام أميركية، فإن التقاطع الذي مات عليه فلويد، شارع إيست 38 ستريت وشيكاغو أفينيو ساوث، كان عليه حاجز غير مرئي معد لإبعاد الأميركيين من أصل أفريقي. عشرات المنازل التي تم بناؤها منذ ما يقرب القرن بالقرب من هذا الركن تضمّنت صكوكاً تمنع السود من العيش أو شراء تلك المنازل. هذه القيود، المنصوص عليها في سندات الإسكان المنتشرة في كل أنحاء المدينة، حرمت السكان السود من بناء وامتلاك المنازل. واستغرقت المحاكم عقوداً لإلغاء تلك الأحكام، وخلال ذلك الوقت كانت الهوة بين السكان السود والبيض عميقة.

في ظل هذه الوقائع، ليس غريباً أن تتحوّل قضية فلويد إلى غضب مجتمعي واسع، تفجّر احتجاجات شعبية تخطت حدود ولاية مينيسوتا. وشهدت الاحتجاجات في يومها الثالث، ليل الخميس، أعمال شغب، واحتشد محتجون خارج أحد مراكز الشرطة في مدينة مينيابوليس وهاجموا المبنى وأضرموا النار فيه فيما كان رجال الشرطة ينسحبون منه. وقُتل شخص في المدينة خلال الحرائق والمواجهات بين المحتجين وقوات الأمن. واشتبك المتظاهرون مع الشرطة ونهبوا متاجر وأضرموا النيران في آخر وفي موقع بناء، طوال الليل، في المدينة الواقعة في شمال الولايات المتحدة، وهو ما ردت عليه الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي. وجرت احتجاجات خارج منزل أحد ضباط الشرطة البيض الأربعة الضالعين في اعتقال ووفاة فلويد. وفي وقت سابق، الخميس، أغلقت عشرات الشركات والأعمال في كل أنحاء المدينة نوافذها وأبوابها في محاولة لمنع النهب. وأغلقت مينيابوليس تقريبا نظام السكك الحديدية الخفيفة بالكامل وكل خدمات الحافلات حتى يوم الأحد بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.

وقال ناشط مدافع عن حقوق السود في مينيابوليس خلال الاحتجاجات إن "هناك أناساً يتفاعلون مع نظام عنيف... لقد سئم الكثير من الناس من ذلك". من جهتها، قالت ميشيل غروس، وهي ناشطة في المجموعة المحلية "المواطنون المتحدون ضد وحشية الشرطة": "إذا كانت الجريمة مسجلة على شريط فيديو ليراها الجميع، فلماذا لا يكون القتلة في السجن الآن؟". وهتف المحتجون "لا عدالة ولا سلام... لاحقوا الشرطة".

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced