رجال بأغلفة أطفال.. مرضى الثلاسيميا يقربون الـ200 ألــف حـالة
نشر بواسطة: Adminstrator
الإثنين 21-11-2011
 
   
يقارب عدد المصابين بالثلاسيميا في العراق حدود الـ 200 ألف فرد ، بما يعدل أكثر من 3% من سكان البلد،حسب إحصائيات شبه رسمية متخصصة بالمرض،  وينتج هذا المرض الوراثي عن زواج طرفين حاملين لصفة المرض، ما يؤدي إلى ولادة طفل مصاب.

وأن الثلاسيميا هي كلمة يونانية الأصل تعني فقر دم منطقة البحر الأبيض المتوسط وسميت بهذا الاسم لأن غالبية المصابين بهذا المرض من المناطق المحاذية للبحر الأبيض، أما أعراضه فهي : شحوب في الوجه وتغير في العظام وخاصة في عظام الوجه، والنحول الدائم بسبب عدم تجهيز الجسم بالأوكسجين،وذلك لتكسر كريات الدم الحمر ونقص في هيموغلوبين الدم الناقل الوحيد للأوكسجين إلى الجسم.

أول من اكتشف هذا المرض الطبيب كول عام 1925 ومن ذلك الحين إلى يومنا هذا لم يكتشف  علاج للمرض، ويكتفى بالوقاية منه عن طريق الفحص التحليلي وعدم زواج الأقارب في بعض الحالات.
أما بالنسبة للمراكز المتخصصة في العراق فتوجد مراكز عديدة في المحافظات ( الناصرية وأربيل والحلة والبصرة ) ،والمركز الأكبر في العدد والعدة هو قسم الثلاسيميا في مستشفى الكرامة التعليمي في بغداد والذي يستقبل المرضى من العاصمة وباقي المحافظات ،وذلك لتوفر الأدوية اللازمة ومضخات (الدسفرال) وهي عبارة عن جهاز الكتروني أو ميكانيكي يقوم بضخ سائل الدسفرال عبر (السكارب) إلى جلد المريض لمدة ست أو اثنتي عشرة ساعة ليساعد على ترسيب الحديد من خلال الجلد إلى الجسم، كما يوجد مركز آخر على جانب الرصافة من بغداد وهو مركز (ابن البلدي) الذي يضم الكثير من المرضى.

30 وحدة سريرية لـ 1400 مريض!
عند دخولي إلى قسم الثلاسيميا في مستشفى الكرامة تفاجأت بإعطاء الدم للأطفال المصابين على الأريكات والكراسي داخل الممرات وأروقة القسم ،وبتوزيع الستاندات في ما بينهم ليعلق عليها أكياس الدم، وإن لم توجد فمسامير الصور وحافات الأبواب أولى بأن تكون ستاندات، وفور دخولي إلى الردهات وجدت أكثر من مريض على السرير الواحد فضلاً عن المرافقين معهم ولكم التصور! مع هذا الزحام اكتشفت وجود علاقات حميمة بين المصابين بهذا المرض وترابط اجتماعي وتواصل ما بعد الرجوع إلى بيوتهم مكونين مجموعات لتلهيهم الأحاديث والفكاهة وأنغام الهواتف النقالة والألعاب الالكترونية المحمولة حتى نهاية آخر قطرة دم في الكيس المعلق أعلى رؤوسهم .
المرضى متشابهون في الوجوه حيث بروز عظمتي الوجنتين بشكل واضح إلى الدرجة التي لا تفرق أحيانا بين مريض وآخر. اقتربت من إحدى (الكروبات) وطلبت الإذن بالجلوس وبدأت الحديث معهم فرحبوا بي كل الترحيب ،وكان تعاطي الكلام معهم في محاولة لكي ينسوا مأساتهم فطلبت التعرف إلى الفتية الصغار فدهشت لما سمعت، فقد عرف نفسه الأول قائلا: عمري 23 سنة والثاني كان عمره أكبر 27 سنة. عجبا على ملامح الطفولة على وجوههم وهم أغلفة لرجال ونساء بالغين بصورة أطفال وفتيان فسألت عن السبب فعرفت أن هذا المرض يعيق حركة النمو عند مرضى الثلاسيميا ويبقيهم ضعفاء البنية .
مشاكل المرضى
أكملت حديثي مع المجموعة وسألتهم في أي شيء يرغبون فبادروا المطالبة من الجهات المسؤولة بالالتفات لهم وتسليط الضوء على حالتهم الفريدة التي عجز العلم عن إيجاد علاج مناسب لها حتى في أكثر البلدان تقدما، مشتكين من قلة أجهزة الإعطاء الناقلة للدم الحاوية على فلاتر لتصفية الدم حيث إن انعدم وجود هذه الفلاتر عند بعض المصابين تؤدي إلى حساسية في الدم وقلة الدواء الجديد البديل عن مادة (الدسفرال) والتي يصل سعرها تجاريا إلى 30 دولارا، والتي تعطى ثلاث مرات في اليوم ، تفيد في ترسيب الحديد في الجسم للحد من الحد من تجمع الحديد في أعضاء الجسم مثل القلب والرئتين والبنكرياس والطحال ومن الأعراض الجانبية كتضخم الطحال وظهور مرض السكري بسبب تجمع الحديد فوق البنكرياس.
وأضاف المرضى بالثلاسيميا يشكون أفراداً قليلة داخل المركز من الممرضات لتعاطيهم الرشوة الإجبارية مقابل شد (الكالونة) وأجهزة الإعطاء والتمييز بينهم على هذا الأساس وأكدوا شكرهم لغالبية الأطباء المقيمين وكادر المختبر وشباب التمريض والمقيمين.
وأضاف عدد من المرضى ان بعض الاطباء في مستشفى الكرامة يتعاملون بازدواجية مع المرضى ، حيث يقول مريض: " إحدى الطبيبات تفرق بين المرضى الذين يزورون عيادتها الخارجية ، وبين من لا يمكنه ذلك ". الامتيازات التي يحصل عليها المرضى من وراء الزيارة تصل الى حد الحصول على الهدايا والمساعدات التي ترسلها منظمات إنسانية الى المستشفى وتذهب الى جيب الطبيبة ... فضلا عن أن تعاملها يصبح خشنا مع من لا يقوم بزيارة عيادتها!

العرسان العراقيون تهديد للجيل القادم بالثلاسيميا
أوصى الدكتور عبد المنعم حميد عيسى مدير مستشفى الكرامة التعليمي بإرسال إشعار من وزارة الصحة إلى وزارة العدل بوجوب إدخال الفحص المبكر لمرض الثلاسيميا إلى شروط عقد الزواج في المحاكم العراقية، وذلك لخطر انتشار هذا المرض في البلد ولاسيما في الفترة الأخيرة حيث كانت الأعداد في السابق تفوق العشرات حتى وصلت نسبة المرضى إلى 3% من السكان وهي نسبة خطيرة ، مشيرا إلى ضرورة بث ثقافة الإعلام والإعلان عن هذا الوباء الوراثي بين الناس وخاصة مجتمع الشباب، ولهذا أكد الدكتور عبد المنعم عزم مستشفاه على بناء مركز كبير وجديد داخل المستشفى مكون من تسعة طوابق وبسعة سرسرية تتكون من 120 وحدة ، وأضاف إلى ذلك إمكان جاهزية المركز لتزايد الحالات، مشيرا إلى احتواء المركز القادم لمختبر كبير وقاعات ترفيهية وقاعات محاضرات للتوعية بالمرض وآثاره السلبية على المجتمع والخطوات الوقائية منه.
كما حث الدكتور الشباب الذين ينوون الزواج أن تتم عملية التحليل بين الطرفين قبل أي خطوة لأن مجتمعنا من المجتمعات العاطفية معبرا بقوله: قد يضحي الشاب بمستقبل الطفل القادم مقابل حبه وتمسكه بالفتاة التي يرغب بالزواج منها.
قلّة الكادر الطبي
واكدت الدكتورة زينب الشاهين أخصائية أمراض الدم الوراثية ومديرة قسم الثلاسيميا في مستشفى الكرامة جاهزية القسم لاستقبال الشباب والشابات في مختبر القسم لأن الجهاز اللازم لذلك متوفر في القسم المذكور وبوصل مجاني من استعلامات القسم، وبينت كذلك ضرورة الفحص المبكر لخطورة هذا المرض الوراثي، مضيفة "عدم استثناء أحد بذريعة انعدام المرض في العائلة أو القرابة أو العشيرة لأن هذا المرض قد يظهر بعد سبعة أو ثمانية أجداد لمجرد زواج من يحمل المرض بمن يحمله".
وشكت الدكتورة الشاهين قلة الكادر الطبي الموجود والكادر المختبري فأعداد المرضى متزايدة والكادر على ما هو عليه منذ سنين، مستبشرة خيرا من وزارة الصحة بفتح تعيينات وإرسال إضافة إلى الكادر الموجود.
وأكدت الشاهين أمرا مهما وهو رسالة إلى المدارس الابتدائية قائلة عن هذا المرض إنه ليس معديا وليست له آثار سلبية على الطلبة الزملاء لأنه قد تقوم بعض الكوادر التعليمية بمجرد مشاهدة الطفل المصاب بالثلاسيميا وهو شاحب الوجه وأصفر العينين وضعيف النمو أن يحكموا عليه بالعزلة ويبعدونه عن بقية الزملاء فالمرض وراثي وأؤكد أنه وراثي وغير معد وله انعكاسات سلبية على نفسية الطفل المصاب الذي تؤثر عليه تلك التصرفات، وأضافت راجية من إدارة المدارس التعاون مع تلك الحالات وكما نعرف مراجعة مرضى الثلاسيميا كل أسبوع أو عشرة أيام لغرض نقل الدم أن تتساهل في هذا الموضوع حيث تأجيل الامتحانات لغرض المجيء الى المستشفى، وطالبت الدكتورة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة بإعطاء هذا الوباء الوراثي أهمية بالغة والعمل على نشر الوعي والحد من انتشاره عبر برامج وإرشادات.

وظائف شاغرة بدون تخصيص مالي
من جانب آخر قالت الدكتورة فاطمة مديرة مختبر: قسم الثلاسيميا يعمل بشكل جيد لاجراء الفحوصات وعملية مطابقة الدم للمرضى مع باقي الكادر الذين لا يكفي عددهم المرضى الموجودين، مع وصول نحو 200 مريض عند الصباح فهذا العدد يعيق سلاسة العمل والتجهيز والمطابقة للدم، طالبة من خلال جريدة المدى ومن وزارة الصحة بفتح باب التعيين في المختبر لتسهيل العمل، واطلاق التخصيصات المالية لكادر مختبر الثلاسيميا، معللة السبب الى مجيء الزملاء الى مختبرنا هذا حيث مختبر الثلاسيميا ليس له تخصيصات فلذلك يرفضون النقل من الأقسام الاخرى الينا.
وقد روى أعضاء المختبر قصة غريبة حدثت وهي عندما أمر مدير مستشفى الكرامة بنقل إحدى موظفات المختبرات المجاورة الى مختبر الثلاسيميا فتفاجأت وشرعت بالبكاء والإضراب عن العمل راغبة بالرجوع إلى المكان السابق الذي يحتوي على تخصيصات مالية تصل إلى 70 ألف زيادة فوق الراتب حتى أتوا لها بكتاب إلغاء الأمر فهرولت مسرورة.
إلى عراق خالٍ من المرض
إلى ذلك قال عضو مجلس النواب عن كتلة الاحرار، في وقت سابق ،  النائب "حسن الجبوري" بانه قدم مقترح قانون الى لجنة الصحة والبيئة يخص مرضى الثلاسيميا او ما يسمى بفقر دم البحر المتوسط وتشريع قانون لهم لأن هناك ما يقارب من 10 الى 12 ألف مريض بمرض الثلاسيميا في العراق وبالتالي يحتاجون الى عناية خاصة والى توفير العلاجات الخاصة ودعم مادي ومعنوي من أبناء العراق.
وتسعى جمعية الإيثار الانسانية لإغاثة مرضى الثلاسيميا لإقامة حملة وطنية لمكافحة المرض الذي تنوي المنظمة إطلاقه بعد اكمال مستلزمات مشروع ، وهي  تحت شعار ( لعراقٍ خال من اصابات جديدة بالثلاسيميا عام 2015).
ومشروع الحملة يتضمن ثلاثة محاور رئيسية كمرحلة اولى وبمدة(12) شهرا حيث يركز المحور الاول على طباعة البوسترات الارشادية بثلاث لغات العربية والكردية والانكليزية ، والمحور الثاني: طباعة كراس شامل يعرف بخطورة المرض وطرق الوقاية منه بغية تحديد انتشاره ، يوزعان على المؤسسات الحكومية ، والمحور الثالث والأخير: اقامة الورش والمحاضرات في مؤسسات الدولة والمدارس ،والجامعات والكليات والمعاهد ، بغية التثقيف والتوعية ولزوم إجراء التحاليل المختبرية للتشخيص المبكر والسابق للزواج والذي يعتبر أمرا حيويا ومهما جدا لتجنب إنجاب أطفال مصابين بهذا المرض. وأكدت الدكتورة رئيسة لجنة الصحة والبيئة في مجلس النواب العراقي دعمها الكامل لتنفيذ الحملة لغرض تحقيق أهدافها  .
من جانب اخر أكدت وزارة الصحة الإجراءات الخاصة لعلاج مرض الثلاسيميا وتقديم افضل الخدمات الطبية  لهم بما يسهم بالعلاج والتخفيف من معاناتهم الصحية.
وصدرت هذه التعليمات ضمن التوصيات بالاجتماع الخاص بمرض الثلاسيميا الأخير وتضمنت الاطلاع والالتزام بمفردات الدليل الإرشادي بكل مفرداته عن المرض وحالات الإصابة ، والعمل بطريقة المريض الموحد الخاص بأمراض الدم الوراثية ، واعتماد استمارة صرف علاج مرض الاكسجيد للمرضى المشمولين به مع بطاقة العلاج المجاني وحسب الضوابط ، مع التأكيد على الإجراءات الوقائية الخاصة وضرورة استرداد الأشرطة لعلاج الوجبات السابقة .
كما أكدت الوزارة ضرورة قيام جميع دوائر صحة المحافظات بتزويدها بالمعلومات الخاصة بمرض الدم الوراثي ومتابعتهم من خلال قوائم واستمارات خاصة كل ثلاثة أشهر ، وضرورة شمول مراكز أمراض الدم الوراثية بالحصة المقررة من المقيمين الأقدمين والدوريين حسب أعمام دائرة التخطيط وتنمية الموارد وإتباع كل ما من شأنه العلاج والسيطرة على المرض.
طابور أكياس الدم
في النهاية وبعد إكمال المقابلة مع الكادر خرجت وفي باب المختبر شاهدت طابورا بل عدد من الطوابير المتداخلة من المرضى وذويهم واقفين يتسلمون أكياس الدم مع التدافع، علما أن المرضى لا طاقة لهم بأن يقفوا بهذا الشكل مع التدافع.
عندما أكملت تحقيقي وخرجت من المركز تاركا خلفي قصصا ومعاناة وآهات وتلك الأم التي فجعت بخبر إصابة ابنها الثالث بنفس المرض وذاك الرجل الذي أصبح اليوم عنده خمسة أطفال كلهم مصابون ما عدا واحد، وقفت ناظرا إلى القسم حامدا الله وشاكرا إياه على النعم الجزيلة التي لا نحس بها حتى نفقدها وفي نهاية هذا التحقيق أملي أن تصل رسالة الى الناس مفادها أن الوقاية من هذا المرض أجدى من علاجه لسبب بسيط هو أنه لا علاج له. 
ولم أقف على فتوى مشتملة على حرمة الزواج ممن يحمل مرض الثلاسيميا، وإن هذا المرض ليس من الأمراض التي تمنع الاستمتاع بين الزوجين ولا توجب الخيار لأي منهما ولا تؤثر على علاقتهما، وعليه فلا مانع شرعي من الزواج بحامل المرض المذكور كما تقدم.
المدى/ نبيل محيي

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced